لم يعد مرضى فيروس كورونا هم المهددون فقط بالخضوع لأجهزة تنفس صناعي بل إن الاقتصاد العالمي برمته سيكون أحد ضحاياه بعد ما أصابه الشلل التام بتوقف مظاهر الحياة في أغلب عواصم العالم في لحظة مفصلية توقف أمامها التاريخ ليكتب فصلا جديدا سيغير خريطة العالم الاقتصادية فالفيروس الجديد سبب صدمة كبيرة وخسائر أصابت كافة المناحي الاقتصادية ادخلته في حالة ركود شديدة غير مسبوقة.
فقد جاء إعلان كورونا وباء عالميا ليلقي بظلاله القاتمة علي اقتصاد العالم الذي يعاني بدوره من مشاكل متصاعدة تعمقت مع انتشار الفيروس وتفوقت مخاطره الاقتصادية علي مخاطره الصحية بعد ضرب قطاعات التجارة العالمية والسياحة والنقل وانهيار البورصات العالمية وأسواق المال وفرض الحظر الكامل في بعض المدن التي تحولت لمدن أشباح وتوقفت آلاف المصانع والمؤسسات والأنشطة ومعها عشرات الملايين عن العمل إضافة إلى التكاليف الباهظة لإجراءات احتواء تفشي المرض صحيا واقتصاديا واجتماعيا والنتيجة تسجيل خسائر متوقع ان تكسر حاجز ال2تريليون دولار.
وكان الزلزال الأكبر من الفيروس هو تعاطي الدول العظمي المتقدمة التي فاجأت العالم ومواطنيها بعدم الجاهزية للتعامل الجيد مع الأزمة رغم القدرة الاقتصادية المتفوقة وهي الصدمة الثانية فلم تنجو دول صناعية غنية بمواردها المالية وتقدمها العلمي والطبي من هذا الوباء سريع الانتشار بسبب عدم استعداد نظمها للتعامل مع مثل هذه الأزمات علي الجانب الآخر نجحت دول نامية في استنفار وتجيش طاقاتها البشرية والتنسيقية لمواجهة خطر انتشار هذا الوباء.
ورغم أن حجم تأثير أزمة كورونا سيتفاوت على الاقتصادات الدولية المختلفة بشكل أو بآخر لكن المؤكد أن تمام التعافي سيعتمد أولا على طول أمد الأزمة وإيجاد حلول طبية ناجعة ثانيا علي قدرة الحكومات والمؤسسات للحد من الركود الاقتصادي وماهية الإجراءات التي يمكن ان تساهم في انتعاش وإفاقة قوية.
ضابية تسود المشهد العالمي وتساؤلات حول كيفية الخروج من هذا النفق المظلم فهل تتغير منظومة الاقتصاد العالمي بعد زوال المحنة ام ان التغيرات ستتوقف عند اعادة ترتيب تسيد الدول الكبري صعودا هبوطا في ذات المنظومة القديمة معتمدة علي طريقة تعاملها مع الأزمة واقصد هنا الصين وروسيا والولايات المتحدة وهل استوعب العالم الدرس جيدا على خلفية الأخطاء القاتلة في النظام الحالي وفي ظل الغياب المريع للتضامن العالمي حتى فيما بين الدول التي تشكل أحلاف واتحادات كحلف الناتو والاتحاد الأوروبي وظهور مايعرف بأعمال القرصنة وقيام دول بالسطو علي شحنات ولوازم طبية موجهة لدول اخري تعاني من ارتفاع معدلات الإصابة وتفشي المرض بها.
وهل تتوارى مصطلحات العولمة والأنماط الموحدة مقابل العودة إلى الإنتاج المحلي والاقتصاد الحقيقي في ظل دور متعاظم للدول وعودة للاقتصاد الكلاسيكي الذي يستهدف المنفعة العامة أم يتكون نظام اقتصادي جديد متعدد الأقطاب يعيد تشكيل الاسواق العالمية وتوازن القوي.
ألم يحن الوقت ليأخذ الاقتصاديون زمام الأمور جانبا إلى جنب مع الأطباء كلا في مجاله لوضع روشتة علاج تواجه تداعيات سياسات الركود الاقتصادي وتراجع معدلات النمو ومتي يتم تشكيل خلية أزمة عالمية تنسق بين دول العالم لبحث كيفية التخفيف من حدة المشاكل الناجمة عن تلك الأزمة.
المصدر : صدي البلد