لم أكن أنتوى الكتابة عن فيروس كورونا هذا الإسبوع نظرا لكم المعلومات التى نتعرض لها طوال ساعات الليل والنهار عن الفيروس وخصائصه وكيفية انتقاله ووسائل الرعاية لتجنبه منها نصائح حقيقية وعلمية وكثيرا منها افتكاسات وفتى وتنظير من جهلة قرروا ان يصبحوا علماء. ومتابعة دقيقة لأرقام المصابين والوفيات حول العالم تشع فى النفس الإحباط وتغتال الأمل فى الخلاص من هذا الكابوس، ومعركة اقتصاية على هامش الوباء تجول كل الدول الكبرى والصغرى على حدٍ سواء تغتال الخبز من ايدى الفقراء وتحول الكادحين الساعين للرزق الى جيوش من العاطلين، ولكن عندما رأيت خبر انعقاد مجلس الأمن لمناقشة تداعيات كورونا حرضنى الخبر على البحث ثم الكتابة على هامش صفحة الوباء حيث يعود الصراع السياسى بين الكبار الى الواجهة ويحتدم على صخرة المصالح ويكشف عن حقارة الساسة الكبار الذين تنتظر منهم شعوب العالم العلاج والدعم لمواجهة الكارثة فإذا بهم يتمسكون بمصالحهم الضيقة وتكشف الدعوة لعقد مجلس الأمن الى ان الساسة مازالوا فى غيهم وطغيانهم يستهينوا بأرواح الفقراء من أجل بقاء مجدهم ومجدهم فقط.
البداية ظهرت فى بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية يطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لأسباب نبيلة بتوقف القتال فى مناطق الصراع لأسباب إنسانية ويجب مناقشة ذلك بوضوح بين الأعضاء الدائمين فى المجلس، ولكن على الجانب الأخر كانت فرنسا تقود مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الاتحاد الأوروبي وكانت مصرة على أن الدمار الاقتصادي الذي ألحقه مرض كوفيد-19 يتطلب طريقة تفكير جديدة في أوروبا، وهي تريد من الدول الأعضاء مساعدة بعضها البعض بطرق غير مسبوقة.
وقال وزير المالية الفرنسي، برونو لومير إنه "ليس هناك بالنسبة لأوروبا شيء أسوأ من أن تتمكن بعض الدول من التعافي بسرعة لأنها غنية، بينما دول أخرى ستنهض ببطء فقط لأنها لا تملك كلفة العلاج ونحتاج جميعا إلى التعافي بنفس السرعة لضمان التماسك والتضامن والوحدة في منطقة اليورو".
حتى تحرك الدول غير دائمى العضوية فى مجلس الأمن ووقع تسعة من الأعضاء العشرة على طلب عقد اجتماع حول الوباء تتخلله إحاطة من الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس ، بعدما احتدمت النزاعات حول الفيروس بين الأعضاء الدائمي العضوية وبخاصة الولايات المتحدة والصين. أما الدولة العاشرة وهي جنوب إفريقيا فاعتبرت أن وباء كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا يمثل في الوقت الراهن أزمة صحية واقتصادية في حين أن مهمة مجلس الأمن هي حفظ السلم والأمن الدوليين، وبالتالي فإن التطرق لهذا الوباء ليس من شأن المجلس في الوقت الراهن. وعندما تحدد موعد غدا الخميس، تدخلت إدارة الرئيس الأمريكى ترامب وطلبت تضمين أي بيان أو قرار يصدر عن مجلس الأمن فقرة تشير إلى الأصل الصيني للوباء، وهو ما ترفضه بكين بشدة وهو مايهدد اى قرار ينحاز إلى الفقراء فى العالم الذين قطعت ارزاقهم او يخصص اعتمادات مالية للنظم الطبية المنهارة فى الدول الفقيرة بفيتو يساوى قرار مجلس الأمن بالعدم.
غير إن دول الاتحاد الأوروبي تقترب من إقرار خطة إنقاذ اقتصادي للدول الأوروبية الأكثر تضررًا من تفشي كورونا، ومن المقرر أن يعقد وزراء مالية دول التكتل الـ27 اجتماعا عبر الفيديو، وحسب مراقبين سيتم الاتفاق على استخدام أموال صندوق خطة إنقاذ لمنطقة اليورو بقيمة 410 مليارات يورو. لكن مع الانقسامات العميقة بين البلدان الشمالية الغنية وتلك الجنوبية التي ترزح تحت ديون ثقيلة، تطلب مجموعة من الدول بينها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا أن تكون ألمانيا والنمسا وهولندا على قدر المسئولية وتشارك الديون بهدف تخفيف الضرر الاقتصادي واقترحات بإصدار سندات "كورونا بوند"، لتشارك الديون بين دول الاتحاد لمجابهة الأزمة، وخطة للبنك المركزي الأوروبي للتحفيز الاقتصادي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، من أجل تجنب أي كارثة اقتصادية. وإذا كانت دول الاتحاد الأوروبي لديها حلول تكافلية فكيف يكون حال دول العالم الثالث فى اسيا وافريقيا أمام الوباء والخراب الاقتصادي من جهة وعناد واشنطن وبكين من جهة اخرى.
المصدر : صدي البلد