بعد انتشار جائحة فيروس كورونا وضرب الاقتصاد العالمي بشكل كامل، فمن المتوقع أن الوضع سيصبح أسوأ من الأزمة المالية في عام 2008 قامت صحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية بعد عمل مقارنة تبرز فيه أهم الفروق بين الأزمة الحالية والأزمة المالية عام 2008 وترى أنها مختلفة لأنها ستحدد بعض الاتجاهات للسنوات القادمة
أصبحت الشوارع فارغة والمحلات مغلقة والإنتاج يهبط في كل دول العالم بسبب تأثير فيروس كورونا الي استطاع ان يشل الحياة العامة فهل تعتبر هذة الأزمة الأكثر تدميرًا من الأزمة المالية ؟
قال رئيس معهد "ايفو" كليمنس فويست، إنه من المتوقع في الوقت الحالي أن تتجاوز التكاليف كل ما عرفته ألمانيا من الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية في العقود الأخيرة.
ومن جانبه أضاف جوست لامرز رئيس مطار ميونيخ إن آثار أزمة كورونا أكبر بكثير من عواقب هجمات 11 سبتمبر في عام 2001 أو الأزمة المالية العالمية 2008،
وأوضح غونتر برونيغ رئيس بنك التنمية الحكومي KfW أنه من الممكن الآن أن يتجاوز حجم الأزمة ما نعرفه عن الأزمة المالية.
جاءت نشأت الأزمة المالية في الشبكة المصرفية العالمية، إذ قامت البنوك بتمويل منازل وشقق لعشرات الآلاف من الأميركيين على مر السنين، حتى الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف، فكانت القروض المضمونة سيئة وهي ما تسمى بقروض الرهن العقاري الثانوي (السندات المضمونة بالرهون العقارية)، والتي جُمعت بدهاء الممولين وتم بيعها على نطاق واسع
ونظرًا لأن وكالات التصنيف الائتماني أطلقت تصنيفها لسندات بأعلى الدرجات، فلم يكن أحد مهتمًا بمحتواها الخطر.توسعت الأزمة عندما لم يعد بإمكان الكثير من المقترضين دفع أقساطهم، حتي أصبحت بمثابة مشكلة تقتصر على الولايات المتحدة. وفي عام 2007 أصبحت أزمة مصرفية عالمية و إفلاس بنك الاستثمار الأمريكي "ليمان براذرز" في 15 سبتمبر 2008، حيث كان على البنوك التعامل مع مليارات الخسائر، وفقد الثقة في شركاء الأعمال ، وتم إنقاذ عدد من المعاهد من الانهيار بمليارات الضرائب على عكس الأزمة الحالية الناجمة عن فيروس كوروناوجاءت الاضطرابات في النظام المالي و الاقتصادي العالمي بشدة.
وانخفضت جميع الاقتصادات في جميع أنحاء العالم تقريبًا مسببة حالة من الركود في عام 2009، وانكمش الناتج الاقتصادي في ألمانيا بنسبة 5.7%، وأصبحت السنوات منذ عام 2010 محنة لمنطقة اليورو. وبسبب الافتقار إلى الوصفات السياسية في البداية،أصبحت المصارف المركزية "أبطال الأزمة"، كما قال رئيس البنك المركزي الأوروبي الحالي ثم رئيس صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في عام 2014
الأزمة المالية جعلت هناك تعاون اقتصادي مشترك بين مجموعة العشرين و مجموعة الدول الصناعية الكبيرة والناشئة ، ففي عام 2008 التقى رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين لأول مرة وقاموا بتنسيق نهجهم، وقالت المستشارة أنجيلا ميركل إنه منذ الأزمة المالية ، أظهر هذا الشكل "أنه يمكننا معًا حل المشكلات الاقتصادية العالمية وتعزيز التنمية في كل مكان
ومن ثم جاء الحرب على فيروس كورونا فأغلقت جميع الدول حدودها وقررت قادة مجموعة "العشرين" مؤخرًا العمل معًا بقيادة السعودية المستضيف للقمة هذه الدورة، والعمل أمر غير سهل، لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يتبع استراتيجية "أميركا أولًا" منذ توليه منصبه ويتهم الصينيين والأوروبيين، كما أن التوترات ازدادت بين شركاء مجموعة العشرين مؤخرًا.
كما تسببت برامج "التحفيز الاقتصادي" وإنقاذ المليارات للبنوك في "الأزمة المالية" في استمرار نمو الديون الحكومية الضخمة، وهي مشكلة خاصة لاقتصادات اليورو الضعيفة، فكان عليهم دفع أسعار فائدة أعلى للحصول على أموال جديدة في سوق رأس المال ، مما زاد من الديون، وتم إطلاق برامج مساعدة دولية لليونان والبرتغال وإيرلندا وقبرص، كل منها ضد الإصلاح الصارم ومتطلبات التقشف التي يفرضها المانحون.
حتى في أزمة كورونا، سيرتفع الدين الحكومي في مواجهة حزم الإنقاذ التي تبلغ مليارات الدولارات، وزيادة الإنفاق على ارتفاع البطالة وانخفاض عائدات الضرائب، كما يتوقع البنك المركزي الألماني ان تزداد الديون الحكومية الألمانية في العالم الحالي بشكل حاد خلال انتشار جائحة فيروس كورونا
وكانت الأزمة المالية تتراجع تدريجيًا، حتى بعد أن أصبح الالتهاب الرئوي الذي يسببه فيروس كورونا معروفًا في الصين في وقت سابق من هذا العام، كان هناك أمل في البداية في أن يظل محدودًا على المستوى الإقليمي،ومن المتوقع أن ينتعش الاقتصاد الألماني من جديد حيث ان الانكماش التي تعرضت له عام 2009 أي بعد عام واحد فقط، حقق أكبر اقتصاد في أوروبا عائدًا يليه انتعاش لمدة عشر سنوات فمن المرجح أن ينمو الاقتصاد الألماني مرة أخرى العام المقبل
المصدر : صدي البلد