الطموح والوصول إلى مراتب أعلى ليس عيبا، وكلن كثيرون يسعون لنيل السلطة بطرق غير مشروعة إلى أن يمسك بزمام الأمور وينقلب على رعيته، تلك العبارات تنطبق تماما جان بيدل بوكاسا الذي تولى رئاسة جمهورية أفريقيا الوسطى ثم أعلن نفسه الإمبراطور بوكاسا الأول بتاريخ 4 ديسمبر 1976.
بوكاسا استطاع أن يغير مصير دولة ثلاث مرات فى تاريخ حكمه من أجل نيل الاستمرارية فى ترأس البلاد يظلمه وقهره لشعبها، وكأن بوكاسا هو الفرعون الثاني فى الأرض والذي ظهر وتسلل الحكم في جمهورية أفريقيا الوسطى.
بداية جان بيديل بوكاسا هي بداية شخص نشأ وفى فمه ملعقة ذهب، حيث ولد 22 فبراير 1921، في أفريقيا الاستوائية الفرنسية، وهو ابن زعيم القرية، وتيتم في سن الثانية عشرة، ثم تلقى تعليمه في مدارس الإرساليات، وانضم إلى الجيش الاستعماري الفرنسي عام 1939 برتبة مجند، وأصبح ضابطا في الجيش.
وجاءت فرصة بوكاسا للظهور والتطلع إلى السلطة فعندما نالت جمهورية أفريقيا الوسطى استقلالها مع باقي أفريقيا الاستوائية الفرنسية في عام 1960، قام الرئيس الجديد دافيد داكو، الذي كان قريبه من بعيد، بدعوة بوكاسا ليكون رئيسا للقوات المسلحة، وكأن الفرصة جاءت لبوكاسا على طبق من ذهب فخلال ٦ أعوام خطط بوكاسا للانقلاب والحصول على السلطة ففى عام 1966، استغل بوكاسا مركزه للإطاحة بداكو وأعلن نفسه رئيسا للبلاد.
ومن هنا بدأ الاستبداد والظلم حيث عهد بوكاسا جميع المناصب الحكومية الهامة لنفسه، ولكن غرائب وعجائب التاريخ كله تجمعت فى فترة حكم بوكاسا، حيث أنه تولى السلطة فى يناير ١٩٦٦ حيث كانت أفريقيا الوسطى دولة جمهورية ولكنه أراد أن يضمن عدم الإطاحة به فنصب نفسه كإمبراطور، بل كان له علم امبراطوري للاستخدام الخاص به.
وفى عام ١٩٧٧ أقام بوكاسا حفلا ضخما سبب فى إفلاس البلاد حيث أنفق ما يُعادل 20 مليون دولار أمريكي، أي ربع إيرادات الخزينة الحكومية السنوية في احتفال تنصيبه كإمبراطور، حيث تكلف تاجه المرصع بالألماس وحده 5 ملايين دولار.
استبداله وظلمه دام كثيرا فى أفريقيا الوسطى ولكن القشة التى قسمت ظهر البعير هى عام 1979 حيث اعتقل المئات من تلاميذ المدارس لرفضهم شراء الزي المدرسي من شركة تملكها إحدى زوجاته، ففي نفس العام تمت الإطاحة به في انقلاب لاحق (بدعم من فرنسا) في 20 سبتمبر 1979، وبعدها عادت جمهورية أفريقيا الوسطى إلى حكم سلفه ديفيد داكو.
وبعد الإطاحة به لم وجد بوكاسا المنفى فى انتظاره في فرنسا حيث كان لديه قصر و حوكم بوكاسا غيابيا وحكم عليه بالإعدام.
عاد إلى جمهورية أفريقيا الوسطى في عام 1986 وقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة والقتل، قتل تلاميذ المدارس وغيرها من الجرائم، خفف حكم الإعدام لاحقا إلى المؤبد في الحبس الانفرادي، ولكن أطلق سراحه في عام 1993، بعد ست سنوات فقط، عاش حياة منعزلة في عاصمته السابق بانغي وتوفي في نوفمبر 1996.
المصدر : صدي البلد