أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، اليوم الخميس، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنه تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس المجلس السيادي السوداني، عبدالفتاح البرهان.
وأشار آبي أحمد إلى أن الاتصال تناول سبل التعاون بين البلدين في مواجهة فيروس كورونا، الذي اجتاح معظم دول العالم.
لكن على ما يبدو أن الاتصال كان يتركز حول قضية أخرى على خلفية التوتر بين الجانبين، والحشود العسكرية السودانية والإثيوبية، بسبب توغل الجيش الإثيوبي في منطقة الفشقة التابعة للسودان، والتي تسيطر عليها العصابات الإثيوبية وتقتل وتطرد المزارعين السودانيين فيها.
وزار البرهان أمس الأربعاء، منطقة القضارف العسكرية، وكان بصحبته ضباط هيئة العمليات ومدير المخابرات العسكرية، على خلفية توغل الجيش الإثيوبي الفيدرالى فى منطقة شرق سندس بالفشقة الصغرى فى مساحة تقدر بـ 55 الف فدان وهو مشاريع زراعية تخص مزارعين سودانيين بمنطقة القضارف.
والمنطقة المذكورة محل نزاع قديم حديث بين إثيوبيا والسودان. وبحسب وسائل إعلام سودانية، فقد انتشر الجيش السوداني في مواقعه العسكرية التي كان يتواجد فيها قبل نحو 25 عاما، وانسحب منها خلال حرب دارفور والنيل الأزرق. وعليه، قام الجيش الإثيوبي بدخول منطقة سندس، نظرا لأن دخول الجيش السوداني إلى هذه المنطقة سيمنع المزارعين الإثيوبيين الذين يحتلون تلك المناطق من الزراعة.
وبحسب صحيفة "الراكوبة" السودانية، فإن منطقة الفشقة هي تلك المنطقة المتاخمة للحدود المشتركة بين السودان وأثيوبيا، والتي تحد شمالًا بنهر ستيت وشرقًا بنهر عطبرة، وهي لفظة محلية اشتقت من وضع المنطقة الطبيعي . إذ يقصد بالفشقة الأراضي التي تقع بين عوازل طبيعية (مائية) كالأنهار والخيران والمجاري. وتبلغ مساحتها 251 كلم2 . وتنقسم الفشقة إلى قسمين، الفشقة الكبرى: وتحد شمالًا بنهر ستيت وجنوبًا ببحر باسلام وغربًا بنهر عطبرة. أرضها طينية مسطحة صالحة للزراعة في مجملها، ويغلب على سكانها أصل الحمران والفلاتة والهوسا، يوجد بها نقاط للشرطة في كل من الكدي ، الهشابة ، زهانة ، حمدايين ، الدرابي ، ود الحليو ، مكة حكومة والصوفي.
أما الفشقة الصغرى، فهي المنطقة التي تحد شمالًا ببحر باسلام وغربًا بنهر عطبرة وشرقًا بالحدود المشتركة بين السودان وأثيوبيا ، وتتخللها العديد من الجبال والخيران ، وكانت بها عدة نقاط للشرطة في قلعة اللبان أم الطيور ، وخور سيد ، ومشروع الغنم ، وباسنده.
ويقول د. إكرام محمد صالح حامد دقاش، الأستاذ المساعد بكلية العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية في جامعة الزعيم الأزهري، في دراسة له، إن منطقة الفشقة محاطة بالأنهار بالنسبة للأراضي السودانية من كل الجوانب باستثناء خط الحدود المشترك مع أثيوبيا، الأمر الذي يحتم عليها العزلة التامة عن الأراضي السودانية المتاخمة لها، خلال موسم فيضان هذه الأنهار، هذا فضلًا عن كونها تتميز بهطول الأمطار الغزيرة في فصل الخريف. فيما يميز موقعها هذا إغراء للإثيوبيين للاعتداء عليها متى ما شاءوا إذ لا يقف أمامهم أي مانع أو عازل يحول بينهم وبين الاستفادة من هذه الأراضي الخصبة، فهي أراض متاخمة تمامًا للأراضي الإثيوبية . كذلك تتميز منطقة الفشقة بجانب خصوبتها الزراعية، بإنتاجها الكثيف للسمسم والذرة والقطن قصير التيلة بجانب الصمغ العربي والخضروات والفواكه على ضفاف الأنهر الثلاثة عطبرة ، ستيت ، باسلام.
فيما قال رئيس المجلس السيادي السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن القوات المسلحة السودانية لن تتراجع عن حماية حدود البلاد، كما أنها لن تسمح بالتعدي على الأراضي السودانية. وأوضحت صحيفة "سودان تريبيون" أن تلك المنطقة تنشط فيها عصابات الشفتة الإثيوبية في السيطرة على أراضى المزراعين السودانيين بعد طرد السكان منها بقوة السلاح. ويتهم ناشطون سودانيون الحكومة الإثيوبية بحماية نشاط العصابات، التي ترد على هذه الاتهامات بأن نشاط الشفتة خارج عن قانونها.
ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة البرهان تعتبر أول زيارة على مستوي قيادة البلاد للمنطقة خلال في العقدين الآخرين. ونقلت عن شهود عيان قولهم إن"الجيش الإثيوبي بدأ يتوغل داخل الأراضي السودانية، وعمد الى توزيع أراضي السودانيين إلى مزارعيين إثيوبيين".
وقال البرهان، في بيان، نشره الإعلام العسكري: "لا تراجع عن حماية حدود السودان، ولن نسمح بالتعدي على أراضينا". وأضاف: "القوات المسلحة جاهرة لحماية البلاد وحراسة حدودها، وهذا واجبها المقدس الذي لن تفرط فيه أبدًا".
وفي 30 مارس الماضي أعاد الجيش السوداني، انتشاره بعد غياب استمر لنحو 25 عاما في منطقة “الفشقة الصغرى” الحدودية مع اثيوبيا والمتنازع عليها بين البلدين والتي تشهد توترات من وقت لآخر جراء نشاط عصابات في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد ركن عامر محمد الحسن، إن نشر القوات الذي تم مؤخرًا في المنطقة يعود لحفظ الأمن ويقع ايضًا ضمن الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومة السودان في مجابهة جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأضاف الحسن، في تصريح صحفي "نشر القوات أيضا لتأمين المنطقة من النزاعات التي تحدث بين المزارعين عند بداية التحضير للموسم الزراعي".
المصدر : صدي البلد