يعتبر الشاعر السوري عمر أبو ريشة الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، من كبار شعراء وأدباء العصر الحديث وله مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي وهو الإنسان الشاعر الأديب الدبلوماسي الذي حمل في عقله وقلبه الحب والعاطفة للوطن وللإنسان وللتاريخ السوري والعربي وعبر في أعماله وشعره بأرقى وأبدع الصور والكلمات والمعاني.
عمر أبو ريشة، ولد من عائلة تنحدر من الموالي من آل حيار بن مهنا بن عيسى وهم من الفضول نسبة إلى فضل بن ربيعة من طيء وكانت ولادة عمر بن شافع في منبج في محافظة حلب، ونشأ في بيت يقول أكثر أفراده الشعر، وتلقى تعليمه الابتدائي في حلب، وأتم دراسته الثانوية في الكلية السورية البروتستانتية وهي ما أصبحت تعرف لاحقا بالجامعة الأمريكية في بيروت، ثم أرسله والده إلى إنجلترا عام (1930م)، ليدرس الكيمياء الصناعية في جامعة مانشستر.
والده هو شافع بن الشيخ مصطفى أبو ريشة، وُلِدَ في القرعون على ما يروي عمر، وعلى الرغم أنه أصبح قائم مقام في منبج والخليل، فإنه أمضى سنين طويلة منفيًا أو دائم الترحال، وبعد عودته من المنفى أقام في حلب، حيث عمل في الزراعة، ثم ترك الزراعة، وقبل منصب قائم مقام طرابلس. وكان شافع شاعرًا مجيدًا، فقد كتب عدة قصائد في رثاء شوقي وحافظ وعمر المختار.
أما والدته هي خيرة الله بنت إبراهيم علي نور الدين اليشرطي، وهي فتاة من عكا، أما أبوها فقد كان شيخ الطريقة الشاذلية، وعنها يقول عمر: «كانت طيَّب الله مثواها مكتبة ثمينة على رجلين، عنها حفظت الأشعار، والقصائد، والمطوّلات»، كما يذكرها عمر بالتقدير والثناء، فيقول: «والدتي متصوفة منذ صغرها، أحاطتنا منذ صغرنا بعناية ذكية، وأشاعت حولنا جوًا روحانيًا، جعلنا لا نقيم وزنًا للفوارق المذهبية، تربيتها أمدتني بقوة استطعت بها ولوج دروب الحب. فالضعف يجعل من يبتلي به أضعف من أن يحب».
ويتحدث عن جانب مهم منها، هو جانب الصوفية، فيقول: «عالم من الأنوثة زاخر بالحب مضيء بالرقة والحنان. غلبت عليها النزعة الصوفية، تشعر بالألم فتغني بصوتها الرخيم لتبدد الألم. أحبت من الشعراء المتصوفين علي وفا وبحر الصفا وعبد القادر الحمصي وحسن الحكيم».
ويضيف: «لقد اتسع حديثها دائمًا للحب المحدود والحب المطلق للذات الكبرى، وعلاقة الإنسان بها».
وكانت أم عمر تروي الشعر وبخاصة الشعر الصوفي، وقد عرف عمر التصوف منها، وكذلك أخذ عنها نظرته إلى الدين والحياة والحب، وكذلك مفهومه للتصوف، وكلفه بالجمال، وصداقته للموت.
واشتهر من إخوته وأخواته ظافر وزينب، أما ظافر فله ديوان شعر بعنوان "من نافذة الحب" طُبِعَ عام 1981، وأيضًا له ديوان ثانٍ "لحن المساء"، وأما زينب فكانت شاعرة جيدة، تهافتت كبريات الصحف على نشر قصائدها». أما الأخت الكبرى فاسمها سارة.
عمل الراحل، مديرا لدار الكتب الوطنية في حلب، انتخب عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1948، وعضو الأكاديمية البرازيلية للآداب كاريوكا- ريودي جانيرو، عضو المجمع الهندي للثقافة العالمية، وملحق ثقافي لسورية في الجامعة العربية، وزير سوريا المفوض في البرازيل 1949 م 1953 م، وزير سوريا المفوض للأرجنتين وتشيلي 1953 م 1954 م، وسفير سوريا في الهند 1954 م 1958 م، وسفير الجمهورية العربية المتحدة للهند 1958م 1959 م، وسفير الجمهوريةالعربية المتحدة للنمسا 1959 م 1961م، وسفير سوريا للولايات المتحدة 1961 م 1963م، وسفير سوريا للهند 1964 م 1970 م.
حصل الشاعر الكبير عمر أبو ريشة على أوسمه من البرازيل، الأرجنتين، النمسا، لبنان وسوريا، وكرم في العديد من المؤتمرات العربية والدولية والعالمية.
للشاعر عمر أبوريشة الكثير من الأعمال والمسرحيات الشعرية الهامة في تاريخ الشعر العربي الحديث، ومن هذه الأعمال والدواوين والمجموعات الشعرية نذكر: ديوان بيت وبيان، ديوان نساء، ديوان كاجوارد، وغنيت في مأتمي، وأمرك يا رب، مسرحية تاج محل وغيرها.
المصدر : صدي البلد