"أصل الحكاية في الرياضة"، هي سلسلة من الحكايات المثيرة والملهمة في كرة القدم، وغيرها من الألعاب، نقصها على المتابعين والقراء، في 30 حلقة طوال شهر رمضان المبارك، ونستعرض فيها قصص لها ذكريات خاصة مع الجماهير، وسنحاول في هذه الحلقات، أن نثرى القراء بحكايات متنوعة ومختلفة بين الكرة المحلية والعالمية، وكذلك الألعاب الأخرى.
والآن مع الحلقة (18).. لاعب متواضع و"حكم بارع" وراء انطلاق الدوري المصري
على الرغم من امتلاك مصر لتاريخ حافل بالذكريات والانجازات الرائعة الا أنه لم يبدأ بها بطولة منتظمة الا في عام (1948) والذي شهد انطلاق أول بطولات الدوري العام المصري.
إذا أتت السيرة عن الدوري العام المصري، وبدايته فلابد من ذكر فضل هذا الرجل محمود بدر الدين، و إعطاءه حقه، فالرجل الذي كان شعلة رياضية متقدمة بحق، حيث بدأ حياته الرياضية كلاعب كرة قدم متواضع المستوي، ولم يتمكن أن يحقق شهرة واسعة كلاعب.
ولكنة تحول لحكم دولي بارع، وكان واحد من أفضل الحكام في زمانه ان لم يكن أفضلهم على الإطلاق، حيث كان مطلعا وملماً بجميع تفاصيل وقوانين التحكيم الحديثة، وكان موسوعة في مجال التحكيم، وأستاذا سابقا لعصرة في هذا المجال لكل من أتي بعده لاحقا.
كما شغل بدر الدين العديد من المناصب الإدارية الكبيرة بنجاح كبير، حيث تولي منصب سكرتير كرة القدم بالأهلي وهو ما يطلق عليه الان منصب مدير الكرة، وكان أيضا مسئولاً إدارياً عن منتخب مصر في كأس العالم عام 1934.
كما كان له فضل كبير في زيادة شعبية كرة القدم من خلال دخول مجال الإذاعة كمعلق كروي، حيث كان تعليقه مميز وأسلوبه سهل وبسيط علي أذن المستمع والمتلقي.
وكان بدر الدين هو صاحب المبادرة عندما أنتخب سكرتيرا لإتحاد كرة القدم المصري، وقام بعرض فكرة إنشاء دوري عام لكرة القدم إسوة بالبلدان الأوربية علي الفريق محمد حيدر باشا رئيس إتحاد كرة القدم وقتها، وإستطاع بعد إلحاح إقناعة بالفكرة، والتي نقلها بدورة إلي الملك فاروق، فوافق عليها الملك في محاولة لإلهاء الشعب عن هزيمة حرب فلسطين عام 1948.
قبل بداية دورى كرة القدم فى مصر كانت البلاد تعيش فى ظل النظام الملكى، وكان صاحب الجلالة فاروق الأول ملك مصر المتوج علي عرش مصر.
بدا الدوري وسط اجواء حرب فلسطين التي انطلقت شرارتها في مايو من العام (1948)، بين كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المصرية ومملكة العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد الكيان الصهيوني في فلسطين.
عند انطلاق بطولة الدورى كانت المدارس والجامعات تستعد لاستقبال العام الدراسي الجديد، حيث قرر وقتها وزير المعارف عبدالرازق السنهورى اتباع نظام اليوم الكامل فى جميع المدارس الثانوية، كما تم تخصيص فترة للالعاب الرياضية والنشاط الاجتماعى والهوايات.
ولم يكن التليفزيون موجود وقت بداية الدورى، فكان الراديو هو المسيطر على الاجواء، وكان اهم وابرز وسيلة اعلامية لبث الاخبار واذاعة الاغانى والحفلات الموسيقية وكلمات كبار السياسيين وعلماء الدين والادب والفن والثقافة
بعد موافقة الملك على اقامة الدوري العام المصري .. بقي اختيار الأندية التي من المفترض مشاركتها في النسخة الأولى من المسابقة الجديدة، ولم تكن هناك بالفعل قاعدة محددة لأختيار الفرق المشاركة في المسابقة، فما كان من المسئولين إلا أنهم قاموا باختيار أفضل الأندية في كل منطقة من مناطق إتحاد كرة القدم المصري.
وتم اختيار 11 فريق للمشاركة في الدوري، وهي الأهلي والترسانة والزمالك “فاروق” والسكة الحديد من منطقة القاهرة وتم اختيار الاتحاد السكندري والأوليمبي والترام واليونان من منطقة الاسكندرية، فيما تم اختيار الإسماعيلي والمصري وبورفؤاد من منطقة القناة.
ولم يتم اختيار أي فريق من منطقة الصعيد حينها، وكانت رؤية البعض أن طول المسافة، وصعوبة السفر هي السبب في ذلك، فيما كانت رؤية البعض الآخر هو عدم وجود فرق تستحق المشاركة لضعف مستواها.
كانت قواعد المسابقة الموضوعة تقتضي أن يلعب كل فريق من الفرق المشاركة مباراة واحدة أسبوعياً، على أن يواجه كل المشاركين بعضهم البعض مرتين في الموسم واحدة على ملعب كل فريق..
ويكون الدوري عبارة عن دورين تفصلهما فترة راحة مناسبة ويحصل بطل الدوري على درع الدوري المصنوع من الخشب الخالص، والذي يصل وزنه مع النقوش المعدنية الى 30 كيلو جرام، ولم تكن هناك قاعدة محددة لنظام الصعود والهبوط.