في بداية شهر مارس، بينما بدأت الأخبار حول فيروس Covid-19 في التأثير على العالم بطريقة جادة، كنت انا في هيوستن. لقد سافرت إلى هناك لحضور حدث خططت له الكلية مع الكنيسة الشريكة، الكنيسة المشيخية الأولى في هيوستن، منذ بعض الوقت. تمت جدولة الحدث في 6 مارس وعليه غادرت المنزل في اليوم السابق.
عندما وصلت إلى محطتي الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية، تلقيت أخبارًا من بيت لحم تفيد بأنه قد تم اكتشاف العديد من حالات الاصابة بالفيروس في منطقة بيت لحم، ونتيجة لذلك قررت السلطة الفلسطينية إغلاق منطقة بيت لحم بأكملها، وإيقاف جميع الأنشطة العامة. كان ما زال لدي رحلتان إضافيتان لأقوم بهما، ولكن في هذه المرحلة قمت بعمل حجوزات جديدة للعودة بعد يومين فقط من هيوستن.
ركز حدثنا في هيوستن على الأصدقاء وجمع الدعم في المنطقة، وقد حقق نجاحًا كبيرًا. انضم حوالي 140 شخصًا معًا من أجل الطعام الجيد والموسيقى والرقص، والاستماع إلى المزيد حول ما يفعله الله في كلية بيت لحم للكتاب المقدس. بعد الحدث، تكلمت أربع مرات يوم الأحد وفي وقت لاحق بعد ظهر ذلك اليوم تناولت وجبة ممتعة مع راعي الكنسية وصديق آخر قبل التوجه إلى المطار لرحلة العودة الطويلة.
قبل ساعتين من موعد وصول طائرتي في ذلك المساء، أعلن من الحكومة أنه يجب على كل من يصل من الخارج أن يدخل الحجر الصحي على الفور لمدة 14 يومًا. وعليه قمت بترتيبات مع زوجتي، مادلين، لإعداد غرفة واحدة لأبقى فيها. ولكي أحافظ على الحجر الصحي الخاص بي، انتقلت مادلين إلى إحدى غرف بناتنا.
بمجرد عودتي إلى المنزل، بدأت بالعيش مع هذه الترتيبات الجديدة، والتي شملت تناول الطعام بمفردي والابتعاد عن أطفالي. لم تكن طريقة سهلة لقضاء أسبوعين، ولكن مرت الأيام بين القراءة والاجتماعات عبر الانترنت.
بينما كنت محبوسا في منزلي، كانت كل منطقة بيت لحم مغلقة أيضا بين حظر التجول وإغلاق المدن. وكما هو الحال في كل مكان آخر، كافحت بيت لحم ليس فقط مع الخوف من المرض ولكن أكثر مع المستقبل غير المتوقع الذي نواجهه فجأة. بين عشية وضحاها، فقد الآلاف وظائفهم ومصادر الدخل الوحيدة لهم. ومهما كانت المدخرات الصغيرة التي وفرها الناس فسوف تتبخر بسرعة. فخوفنا هو أن ننتهي هذه الأزمة بأزمة إنسانية أخرى، مماثلة لتلك التي مررنا بها مرات عديدة في الماضي.
في حين أن حالات حظر التجول وحالات الإغلاق وإجبارنا على البقاء في المنزل كانت دائمًا هي الحالة في ظل عيشنا تحت الاحتلال الإسرائيلي، الا أن هذا الوضع مختلف لأن الإغلاق الداخلي قد فرضته السلطة الفلسطينية. القلق هو أنه إذا انتشر الفيروس، فإن فلسطين ببساطة لا تملك الوسائل أو البنية التحتية أو القدرة على التعامل مع هذا المرض. وبالتالي، فإن هذه الإجراءات الصارمة هي خيارنا الوحيد لمنع وقوع كارثة محتملة.
لم يقضي الفلسطينيين يومًا هادئًا على الإطلاق. فبغض النظر عن فعاليته، فإن الإغلاق سيضيف الملح إلى الجرح إذا استمر لفترة طويلة؛ خاصة في بيت لحم، حيث يعتمد معظم الاقتصاد على السياحة وزيارات الحجاج. وحتى لو تمكنا من اعادة فتح المنطقة قريبًا، فإن بيت لحم لا تزال تواجه الواقع المرير بأن السياحة ستتوقف مؤقتًا لفترة غير محددة. سيؤدي ذلك إلى زيادة الحاجة المالية، وهي ضريبة صعبة ومريرة لأولئك الذين امتلكوا بعض الآمال في المستقبل. دعونا فقط نصلي لكي لا يستغرق حل الموقف وقتاً طويلاً ومن أجل أن لا يذهب أمل هؤلاء سدى.
تمكنت من إنهاء فترة الحجر الصحي، وفي النهاية الخروج وشراء الطعام وادارة مهام أخرى في القدس. ولكني ما زلت لا أستطيع الدخول إلى بيت لحم. وحتى لو استطعت، فقد تم إغلاق الكلية منذ الخامس من شهر مارس ويلتزم جميع الموظفين منازلهم منذ ذلك الوقت.
الجانب الإيجابي لدينا هو أن برامجنا التعليمية استمرت في العمل عبر الإنترنت. الشكر لله، لقد استخدمنا منصات التعليم عبر الإنترنت للسنوات الأربع الماضية، وقد تلقى معظم طلابنا بدوام كامل مسبقا بعض من دوراتنا عبر الإنترنت جزئيًا أو كليًا. وبينما أضاف هذا المزيد من العمل لبعض المعلمين الذين اعتادوا على التدريس في الحرم الجامعي، الا أنهم قد تكيفوا مع منحنى التعلم وهم يواصلون التدريس والتقديم.
بالحديث عن موظفينا وأعضاء هيئة التدريس، فإن الجزء الأصعب في هذا الحدث هو أننا تلقينا في وقت مبكر من شهر مارس أنباء عن إصابة أحد مدرسينا بالفيروس، إلى جانب العديد من خريجينا. لقد وضع هذا الحدث ميزة في صلواتنا، حيث نواصل التوسط أمام الرب ليس فقط لشفائهم ولكن أيضًا لحماية بيت لحم وجميع بلادنا أيضًا.
لا يمكننا أن ننحي جانباً ايماننا بربنا الصالح. نحن على ثقة من أنه سيأتي ويعطي كل منا القوة خلال هذه الأوقات العصيبة. وسيستمر في توفير احتياجات كليتنا واحتياجات الناس من حولنا. هو إله صالح ومراحمه باقية إلى الأبد. هذا هو أملنا الأبدي.
المصدر : البوابة نيوز