كل خمس عشرة دقيقة أو نحو ذلك، تستقبل محرقة مقبرة لا ألمودينا بالعاصمة الإسبانية مدريد، نعشًا جديدًا محملًا بضحية فتك بها فيروس كورونا المستجد.
يقف كاهن كاثوليكي يدعى الأب إدوار، أمام النعش المغلق بإحكام يرش عليه الماء المقدس قبل أن يأخذه زوج من الموظفين إلى الداخل، فيما يقف أفراد الأسرة دون اقتراب من النعش، ينظرون إليه نظرة الوداع الأخيرة فقط، فلا تأبين ولا زيارة ولا دفن، بالكاد خمس دقائق وداع.
هكذا يكون الحال في إسبانيا خلال تعاملها مع وفيات كورونا، الفيروس الذي حصد حتى الآن 13055 وفاة فيما وصل عدد الإصابات إلى 135032 بالدولة.
ووفقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، يتعامل الأب إدوار، مع أفراد الأسرة وكأنهم أسرته يحييهم ويقدم لهم تعازيه ومواساته، ويقف يصلي على روح المتوفى 5 دقائق فقط، وسريعًا تتحول الجثة بعد لحظات إلى دخان متصاعد في الهواء يشكل غيمة ضبابية لا تنقضي مع تزايد عدد الوفيات.
"الألم الشديد هكذا يمكنك أن تراه في وجوههم" بهذه الكلمات يكشف الأب إدوارد عن حالة الأسر التي تأتي عن بعد لتوديع أحبائهم الذين لقوا حتفهم جراء الإصابة بفيروس كورونا.
ويضيف: "هؤلاء لم يفقدوا شخصًا عزيزًا فحسب ويودعوه، بل يتعين عليهم أن يودعوا قلة قليلة آخرى من الناس الجدد"، لافتا إلى أن العدد الذي يحضر محدود جدًا ما يجعل بعض الأسر إلى استخدام خدمة البث المباشر على هواتفهم لتتمكن بقية العائلة والأصدقاء من المشاركة في توديع ذويه.
أصبحت هذه السمة شائعة حاليًا في إسبانيا مع إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الكنائس في جميع أنحاء البلاد وزيادة عدد الأرواد التي يحصدها كورونا، ما يجعل محرقة مقبرة لا ألمودينا واحدة من الأماكن القليلة التي يمكن أن يجد فيها الكاثوليك في إسبانيا كاهنًا يصلي على ذويهم.
يؤكد الأب إدوار: "أحاول أن أكون قريبًا منهم. أخبرهم أنني معهم وأنهم ليسوا وحدهم.. ولكن ما يزعجني أنني أحيانا أبكي من ألمهم".
وعلى الرغم من خطر نقل العدوى له، إلا أنه لا يرتدي الكمامة أو القفازات، قائلا: "قد يبدو الأمر غريبًا بعض الشئ.. ولكن في هذه اللحظة التاريخية، أعتبر هذا شرف.. حياتي للشعب. أحب أن أكون معهم في هذه اللحظة الحاسمة".
المصدر : صدي البلد