نشرت الهيئة العامة لقصور الثقافة اليوم الاثنين موضوعا تثقيفيا بعنوان" الأحلام في المعتقد الشعبي" للباحثة شيرين جمال الدين، وذلك ضمن مبادرة وزارة الثقافة التي اطلقتها تحت شعار "خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك".
قالت شيرين جمال الدين في مقدمة البحث: "إن اللفظ الأصيل للحلم هو الرؤيا من فعل رأى، أما لفظ الحلم وجمعه أحلام فهو مرتبط في ذهن الكتّاب الأوائل بتعبير "أضغاث أحلام" المذكور في سورة يوسف، أما الآن فكلمة حلم هى اللفظ الشائع لما يراه الإنسان من أحداث أثناء نومه، كما تُستخدم كذلك لتدل على الأمانى، والحلم ظاهرة إنسانية عالمية، وهو في الوقت نفسه لغة ذاتية إلى أبعد الحدود، فالحلم ظاهرة يدل ما يحتويه من جمل ورموز وأحداث على أفعال وتحولات تحدث على مستوى النفس الإنسانية لصاحبه، وهو ما يدل على وجود علاقة دائمة ومستمرة بين الحلم وحياة صاحبه وشخصيته".
وأضافت جمال الدين: "أن الاهتمام بالأحلام قديم قدم النفس البشرية فالأحلام مغامرات خفية تقوم بها الروح أثناء النوم، فالنوم ليس موتا مؤقتا لكنه عالم خاص ملئ بالحركة والأحداث لكل وظائف الجسد المسترخى، فهذا العالم البشرى تملأ جوانبه أحلام وكوابيس ورؤى حيرت عقل الإنسان منذ خطت أقدامه على سطح الأرض".
وتابعت: "ومن المعتقد أن روح النائم تلتقى خلال فترة السبات بأرواح من سبقوه إلى العالم الآخر كما تلتقى بالأرواح الهائمة لغيره من الأحياء، فالحلم كظاهرة إنسانية يعتبر بحق ظاهرة مركبة تؤثر فيه عوامل عديدة فهو نشاط عقلى روحانى يتأثر بعوامل نفسية وبيولوجية".
وأشارت جمال الدين إلى أن الأحلام عند البعض رسائل من عالم ما فوق الطبيعة، فهى رسائل كائنات إلهية فوق مستوى البشر وتعبر عن الإرادات الخارقة للطبيعة؛ من هنا جاء الاهتمام بما يراه الإنسان في أحلامه ليعرف منها مدلولات الغيب وما سطر في لوح القدر وهو ما يسمى فن التأويل.
وذكرت جمال الدين أن قدماء المصريين أول من آمن بأن الأحلام إيحاء مقدس وكانوا يسمونها الرسل الغامضة إلى النائم، للإنذار بالعقاب أو للمواساة والتعزية والتبصير، وقد وجدت بعض البرديات منها بردية شستربيتى نسبة إلى مكتشفها كتبت في عهد الأسرة الثانية عشرة "1990 –1786 ق.م" وبها تفسيرات للأحلام ومعناها كأول محاولة من نوعها في التاريخ.
وبيّنت جمال الدين أنه تذخر الأحلام بالعديد من العظات، ويحدث الحلم في عالم الذاكرة حين تخلد الحواس إلى الراحة، فهى لون من النشاط النفسى يصدر عن النائم بحسب الظروف التى يكون عليها في نومه، فالحلم شيء مقتطع اقتطاعًا تامًا من الواقع الذى يعرفه الإنسان في يقظته، لذا يمكننا القول بأن الحلم له وجوده المستقل بذاته كالجزيرة المنعزلة عن الشاطئ، إلا أننا نلاحظ في بعض الأحيان أن هناك تيارًا في الأحلام يرتبط بواقع اليقظة مما يدل على أن استقلال الحلم عن اليقظة ليس استقلالًا تامًّا، والدليل على ذلك أن الوقائع المفردة التى تتكون منها قصة الحلم مستمدة حتمًا من تجاربنا الذهنية التى تكونت في اليقظة، لذا فمهما بلغت درجة الحلم من الغرابة فلبنات بنائه مستعارة حتمًا مما رأته أعيننا أو خطر ببالنا ونحن نمارس نشاطنا الواعى، إلا أننا في بعض الأحيان قد نرى في الحلم بعض التفاصيل التى نعتقد أنه ليست لدينا فكرة عنها فيما سبق من خبراتنا في اليقظة، من هنا يتبين أن الأحلام ليست مجرد مشاهد تمر على الحالم كمرور مشاهد عدة في حياته، لكنها جزء من واقعه الذى يعيشه، وربما جزء من واقعه الذى يرى أنه يبغى أن يعيشه، فهى جزء من شخصية الحالم وانفعالاته وتجاربه وثقافته، كما أنها نتاج لبيئة محيطة لا تنفصل عن ذاته.
المصدر : البوابة نيوز