تسري الموسيقي في روحه وجسده لتختلط بكرات دمه الحمراء والبيضاء، يسارع الزمن ليصنع مجد نفسه ومحبيه، شغفه يتسارع مع كل دقة من دقات قلبه، أراد أن يغير من خريطة حياته الموسيقية التي بدأها في محروسة المعز، حزم حقائبه وغادر مع شمس أبريل 2000، إلى باريس، مهد الحريات وملتقى الثقافات، طير مهاجر استقل طائرته حاملا "كمان" روحه، ليعزف منشودة الوداع لوطن قضى تحت سمائه اثنان وعشرون عاما، مرت كسفينة تسير بلا شراع، كان حينها في عمر الزهور ولم يجد ضالته.
«طارق الجرواني» ٤٣ عاما عمل كموسيقار وعازف كمان بالفرق القومية والمسارح، لكن وتيرة طموحه كانت أكبر، فسافر إلى فرنسا قبل «20 عامًا» مع بعثة موسيقية، وبعد وصوله أعاد ترتيب أوراقة ليقرر البقاء والعمل من الصفر، لتتحول حياته من عازف كمان إلى «مايسترو» يحي كبار حفلات النجوم الأجانب والعرب أبرزهم ماجد المهندس، وسوزان تميم، وليد توفيق، انريكو ماسياس، عاصي الحلاني، وأخيرا أحمد جمال، وحاول الدمج مابين الموسيقى الشرقية والغربية.
ولد طارق كامل الجرواني، بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، تعلم الموسيقى والعزف وهو ابن 14 عاما على الكمان، وتأسس بنادي الطلائع بطنطا على يد أستاذه "فكري عبد الدايم"، لكنه احترف العزف بنادي الموسيقى في جامعة طنطا، تحت قيادة وتدريب المايسترو ساري دويدار، وبدأ رحلته من الجامعة.يقول «تتلمذت على يد المايسترو ساري دويدار، واشتغلت بالفرق القومية بمسرح البالون لمده عامين، عملت أيضا مدرب موسيقى وكورال بقصر ثقافة طنطا ومركز الفنون، وبعد ذلك سافرت، وأنا حاليا مايسترو بفرنسا، وأعمل مدير في إحدى الشركات بجانب شغل الموسيقى التي أصبحت اعتبرها هواية من حبي فيها، ومتغرب منذ 20 سنة، أول لما بدأت حياتي في فرنسا عملت في نادي ومطعم "الأوسكار" في الشانزلزيه والمعروف عنه أنه ملتقى لكل العرب ونجوم الغناء والموسيقى في باريس، كنت أقود الفرقة وأعزف الكمان وعملت حفلات لكبار النجوم العرب والأجانب، وحاولت الدمج مابين الموسيقى الشرقية والغربية مثل أغاني أم كلثوم واستخدام ألحانها».
يروي «الجرواني» عن الوضع الحالي أنه بعد موجة انتشار وباء وفيروس "كورونا" قررت الحكومة الفرنسية تطبيق الحظر الكامل نهارًا وليلًا، وأنه شعر بالملل في الجلوس في المنزل طوال اليوم، وأن السكان المجاورين له يخرجون إلى شرفة منازلهم، فخطر على باله أن يخرج بآلته الموسيقية ويعزف الألحان المحببة لجيرانه، ومن ضمنهم لحن أغنية «حلوة يابلدي» للفنانة المصرية الإيطالية "داليدا"، والتي يطلبها العرب أيضا أن يغنها تخفيفا على المواطنين من الجلوس في المنزل لفترات كبيرة.واختتم حديثة «أغنية حلوة يابلدي مشهورة جدا في فرنسا ومعظم الناس هنا تعرف الفنانة داليدا، كل يوم الساعة 8 بالليل يخرج الجميع لتحية الأطباء وطاقم التمريض ورجال الشرطة والإسعاف، وأصبحت الناس تتظري علشان نبدأ السهرة والعزف، وربنا يزيح البلاء والوباء عن العالم وتعود الحركة لشارع والحياة، وبناشد الجميع التزام منازلهم حفاظا على أبناءنا وأهالينا وعلى أنفسنا».
المصدر : البوابة نيوز