حكايات تتردد ما بين روايات شعبية تناقلتها الكتب وقصص تاريخية أوردها المؤرخون. إحدى هذه الحكايات التاريخية ما ورد عن أنثى أبو الهول.
يسلط الضوء على حكاية تمثال أنثى ابو الهول الكاتب إيهاب الحضري في كتابه حواديت المآذن .. التاريخ السري للحجارة. ويقول : في بدايات كتابه" بدائع الزهور" تحدث ابن إياس عن عجائب مصر، فنقل عن الجاحظ قوله إن عجائب الدنيا ثلاثون، من بينها عشرون في مصر وحدها، وتحدث في هذا السياق عن" أبو الهول"، ثم ذكر أنه كان له شبيه عند قصر الشمع بمصر القديمة، لكنه على هيئة امرأة، وكان الناس يسمونه:"سرية أبو الهول"، والسرية في اللغة هى الجارية، وأشار إلى أن أبو الهول كان طلسما للرمال، أى ما يُشبه" العمل السحري"، الذي يمنع الرمل من أن يطغى على الأراضي الطينية، كى لا تفسد صلاحيتها للزراعة، بينما كان تمثال أبو الهول الأنثوي طلسما للمياه، يمنعها من اجتياح أرض مصر وإغراقها! يبدو من الوصف أن تمثال" جارية أبوالهول" كان ضخما، فكيف اختفى بينما ظل التمثال المجاور للأهرامات على حاله؟
ويضيف الحضري : تحدث ابن إياس عن تكسير" صنم" أنثى أبو الهول، وقال:" كسره الناصر محمد بن قلاوون وعمل منه قواعد وأعتاب للجامع الجديد لمّا بناه". لا يمكن تأكيد صحة وجود هذا التمثال، خاصة أن ما ورد في كتب المؤرخين عن مصر القديمة والفرعونية أصبح مجرد حكايات شعبية لا أساس لها من الصحة، وهم معذورون في ذلك لأن حقائق تاريخنا لم تتضح إلا بعدها بقرون، عندما تم فك رموز حجر رشيد، وتظل المشكلة فيمن ينقلون عنها في عصرنا الحديث باعتبارها معلومات مؤكدة، رغم ما بها من أخطاء فادحة، ويكفي أن أضرب مثالا بما ذكره ابن إياس نفسه، نقلا عن مؤرخ آخر هو ابن عبد الحكم، الذي قال إن من ملك مصر من الفراعنة خمسة، هم: طوطيس ابن ماليا( فرعون إبراهيم)، الريان ابن الوليد( فرعون يوسف)، الوليد بن مُصعب( فرعون موسى)، ودارم ابن الريان، بينما نسى اسم الخامس!! ثم بدأ يسرد أهم الأحداث التي وقعت في عصورهم.
ويتابع : الغريب أنه رغم الاكتشافات الأثرية الحديثة، فإن هناك من يواصل التنقيب في صفحات الكتب القديمة، ويعلن بعدها كشفه المهم، أحدهم وهو أستاذ جامعي شهير خرج قبل فترة ليؤكد أن فرعون موسى لم يكن مصريا، ولو أنه اعتمد منطقا علميا لأمكن مناقشته، لكن تخصصه في الفقه المقارن جعله يعتمد فقط على الاسم الذى تداولته الكتب القديمة، ليؤكد ما أورده المؤرخون أنه كان من خراسان!
ولكن كما يصف الحضري فإن سذاجة التصور السابق لا تنفي حقيقة مؤكدة، هى أن الكثير من المنشآت الإسلامية تضم مُفردات معمارية فرعونية، فقد كانت الآثار المصرية مصدرا أساسيا للحجارة والأعمدة، للسلاطين والأمراء الراغبين في تشييد مساجدهم ومبانيهم.
ويختم حديثه قائلا : أذكر أنني كنت في زيارة لسور القاهرة الشرقي عقب اكتشافه قبل سنوات، بصحبة عالم الآثار الرحل الدكتور جاب الله علي جاب الله أمين عام المجلس الأعلى للآثار، الذي أخذ ينبهني إلى كتابات هيروغليفية متناثرة في عدة مواضع بالسور الإسلامي.
المصدر : صدي البلد