نظرة دونية تنم عن كم كبير من اللامبالاة بما يشعر به المواطن الأفريقي، فكل ما يفكر به الغربي الأبيض أن يبتكر من الأدوية ما يبتكر ثم يأتي إلى تجارب الفئران- وهم الأفارقة من وجهة نظره- ليقوم بتجربة دوائه الذي لا يسمن ولا يغنى من جوع.
وكأن الأفريقي الأسود لا يزال محتلا من دول أوروبا لتأتى لتجرب فيه، فلم يدرك الغربي بعد أن أفريقيا قارة مستقلة، يعز عليها كل فرد من أفرادها ولا تترك أى مساحة لأن يتم الاستهتار بمواطنيها أو شعوبها، ولكن من الواضح أن الغربيين لا يفقهون ما وصلت إليه أفريقيا من تقدم، والدليل على ذلك قدرتها على منع تفشي كورونا وتصديها بقوة لفيروس صدرته بالأساس أوروبا لهذه القارة السمراء فى نفس الوقت الذي كشف فيه فيروس كورونا الغطاء الذي كانت تستر تحته دول يطلق عليها أنها العظمى والأكبر فى العالم ليطيح فى طرفة عين بأنظمتها الصحية ويضرب بها الحائط.
ولأن القارة السمراء أصبح لها مركز بين قارات العالم بل وأصبحت الكثير من دولها تضاهى أوروبا فى التقدم، كان رد منظمة الصحة العالمية كفيلا بأن يخرس ألسنة من يطلقوا على أنفسهم علماء، خاصة الطبيبين الفرنسيين اللذين اقترحا أن يتم تجربة لقاح فيروس كورونا المستجد فى أفريقيا.
وأدانت منظمة الصحة العالمية تصريحات علماء دعوا لجعل أفريقيا "ميدان اختبار" للقاح ضد فيروس كورونا.
وفى نفس التوقيت، علّق سفير الاتحاد الأوروبي بتونس باتريس بيرغاميني، على تصريحات هؤلاء الأطباء الفرنسيين المتعلقة بإجراء دراسة واختبار للقاح ضد فيروس كورونا في الدول الأفريقية، قائلا إن التصريحات صادمة وعنصرية وهي عار، وأشار إلى أن التضامن هو عنوان المرحلة الحالية لمواجهة هذه الأزمة العالمية.
وكان خلال الأسبوع الماضي تحدث كل من الدكتور جان بول ميرا، رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس، والدكتورة كاميل لوكت، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة أبحاث إنسيرم الصحية، حول اختبار لقاح فيروس كورونا على الأفارقة، خلال مقابلة على قناة تليفزيون "إل. سي. أي" الفرنسية، مما أثار غضبًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف يخطر على بال هؤلاء إجراءات اختبارات على الأفارقة، فهل أصبح الأفريقي مواطنا لا قيمة له فى نظر الأوروبي، حيث قال الدكتور جان بول إن "الاختبارات ستسفر عن نتائج أفضل عند إجرائها في أفريقيا، حيث لا توجد أقنعة ولا علاج لفيروس كورونا الجديد، مثل بعض الدراسات في الإيدز".
واتفق الدكتور كاميل لوكت مع زميله الفرنسي وقال: "نحن بصدد التفكير في دراسة بالتوازي في أفريقيا، وهذا لا يمنعنا من أن نفكر أيضا في إجراء الدراسة في أوروبا وأستراليا".
لم تكن الردود الأفريقية القوية على تلك التصريحات شيئا يدعو إلى التعجب أو الذهول، حيث غرد نجم كرة القدم المتقاعد من ساحل العاج، ديدييه دروجبا، على "تويتر" قائلا: "أفريقيا ليست مختبرًا للاختبار وأود أن أدين بوضوح تلك الكلمات المهينة والباطلة والأهم من كل ذلك العنصرية التى توجد بعمق، وتقع على عاتق القادة الأفارقة مسئولية حماية سكانهم من تلك المؤامرات الرهيبة.. الله يحمينا!".
أما نجم كورة القدم الكاميرونى صامويل إيتو فوصفهم بـ :"الأطباء القتلة".
ولكن الدكتور جان بول ميرا ، رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس، فاعتذرت عن تصريحاتها قائلة: "أريد أن أقدم كل اعتذاري إلى أولئك الذين أصيبوا ، وصدموا وشعروا بالإهانة من التصريحات التي عبرت عنها بفظاظة حول LCI هذا الأسبوع".
المصدر : صدي البلد